الخميس، 24 أكتوبر 2019

برنامج تحلية بدون سكر (الحلقة الثالثة)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أحبائنا المتابعون أهلا بكم وحلقة جديدة من برنامجكم تحلية بدون سكر،وللتذكير فإن موضوع سلسلة حلقاتنا كان عن الحب وقصصه الدافئة والمفعمة بالمشاعر، ولمن يحب أن يشاركنا قصته فليتصل بنا أو يرسل لنا رسالة نصية عبر مواقع التواصل الإجتماعى،ولحين إستقبال إتصالاتكم سنقرأعليكم بعضاً من الرسائل النصية ..
السلام عليكم ،أحب ان أقدم أسمى التحيات لكٍ ولمتابعينك الكرام وأتمنى منكم سعة الصدر لإستقبال ملاحظاتى  على كل ماسبق نشره من قصص ..
أول ملحوظة هى أن العامل المشترك فى كل تلك القصص كانت التعلق وليس الحب ومعى كافة الأدلة ..والدليل على أن حب ابن الملوح لليلاه كان تعلقاً صٍرفا: مقدار الألم الذى عاناه هو وحبيبته،الحب لا يٌخلف ألماً بل بلسماً،تأثيره ملطف على القلوب والمشاعر ،لايقود للجنون ولا يهوى بصاحبه إلى التهلكة..وقيس المسكين حاله كحال أى شاب فى بيئة صحراوية جافة روتينية الملامح،مابات فيه يصبح فيه ،لا يُهون عليه شظف العيش وضراوته إلا حفنة مشاعر وليدة فى قلب الشاب ينضح بها على أقرب أنثى ليستميل قلبها ،ومًن أفضل من بنت عمه ! حسناء الصحراء، ونسمة الهجير ورفيقة الرعى وزميلة السعى..إثنان على قدر من القرب والظروف المشتركة وربما تأصلت بهما نزعة القبلية ورأى كل منهما استحقاقه بالآخر ،فوله بها وولهت به..وعندما حدث تصادم رفض الأهل لزواجهما ربما كانت تلك هى مستصغر الشرر التى أتت بنار التعلق العاتية،الممنوع مرغوب ولم يرد كلاهما إلا المسلوب،ولطبيعة قيس الهشة حدث له ماحدث ومسه الجنون إثر فراقها ..إنه التعلق نكبة على قلب من إنتهجه ..
وبالنسبة لقيس بن ذريح فللتعلق هنا وجه آخر ،وهوالتعلق المرضي للأهل بأولادهم،تعلق يمنع الأبناء حتى من أبسط الحقوق وأرقها،وفيه يفرض الأبوين سلطتيهما على الابن بموجب قانون البر، وتُلغى إرادته بموجب قوانين الحب ..وإن لم يرضخ لأحكامهما رموه بالعقوق .. يفكر الآباء من هذا النوع أنك طالما الإبن فذلك يستوجب عليك الاستكانة الكاملة لأحكام قلبيهما ومزاجيهما وعقليهما ..قيس بن الذريح وقع ضحية لأهل دائهم التعلق ،والمتعلق دائماً خانق وطاقته سلبية يُنَفِّر ولا يجذب،وكلما زاد تعلقيهما زاد النفور، فظنا بأن لبنى ستسلبهما إياه ..فكانت الحرب أن يتصيدا الأسباب التى تنهى جولة ابن الذريح مع لبنى،  وما أقوى عدم الإنجاب من سبب! رأوا إبنهم يتهاوى ويتشظى بينما هم غارقون للثمالة فى نهر التعلق الخانق .متعلقين برقبة الإبن الذى مايرى على البر إلا حب حياته وما يستطيع التخلى عمًّن هم بالنهر يغرقون ويسحبونه معهم ..
تعلُق سُلامه كان تعلق الأنثى التى لم تُرفًض قط ،تعلق بكبريائها الذى صور لها أنها المرأة التى لا تُقاوم، صراع مع من عرًّفها على الرجل الورع وصًعُب عليها أن تخسره ..أنثي ألقت بكل أسلحتها أمام رجل ما تسلح إلا بخوفه من الله وحبه الحقيقى لها ..تعلُقها نفْره وحبٌه جذبها، جذبها لأنه صادق ومطمئن ،الحب شعور ممتلئ ومتخم ،الحب يزرع الورود بينما التعلق لا يرى إلا الأشواك ،هو يمنحها حبه بصبره على مشاعر زائلة وإرجائها لدار لا فناء فيها، بينما هى حزينة على عدم إستمالته لها بالطريقة التى تبغاها ..هو أحب بينما تعلقت هى ..
إنتقالاً لقصة الزوجين فإنهما عرفا الحب متأخراً،فلو كان حبهما أصيلاً فى قلبهما لحثهما على عدم إيذاء الآخرين بإسم الحب، أنا أحب معناها أن أنثر اللطف ولا أظلم ولا أُطعٍم الآخرين من كأس الحرمان الذى ذقته ،كان حظ شريكيهما سئ لأنهم سكنوا بيوتاًً بالفعل معمورة وكان حظهما موفق بأن أخذا القرار بالافتراق فى وقت متقارب ،حبهما كان مثالياً فيما بعد وللأسف قطعه الموت،كما قطع الموت تعلق سيدة الجسر بحبيبها الذى مارأته إلا أيام نغصت عليها حياتها الهادئة..
يصيغ لنا المجتمع قصصاً مليئة بالألم والحرمان ويدعونها حباً،يصنعون لنا أغانى وأشعاراً تعنى بلهيب الشوق وبالبعد العذاب وبالوصل الجنة ،أنت لم تحب إن لم تتعذب فى الليل وتتشظى بالذكرى وتلتهب بالوجد ،يقاس الحب بشدة الألم وكلما تألم المحبون كلما زاد ذلك فى رصيد قلوبهم أضعاف ،تلك نظرة العوام والتى غرسها بنا المجتمع على مر الزمن ،وبئس كذب هذه الإدعاءات ..
البيئات والإختلافات الإجتماعية والفردية وعلى مر جميع  الأزمنة الحب بًيّن والتعلق بًيّن وبينهما فروق واضحة لا تلتبس إلا على المُغَيب ،التعلق خانق ومزعج يأكل القلب والأعصاب ،المتعلق دوماً خائف لذلك ينضح بمشاعر سلبية مٌنفرة،المتعلق يحزن ويجزع ويصاب بالجنون حينما لا ينال تعلقه،بينما الحب طاقة نورانية تملأ القلب طمأنينة،طاقة بناءة ومثمرة،نور يجعل كل ما تقع عليه العين جميلاً وكل ما تلمسه اليد وروداً ورياحين ..يبنى الحب ممالك قوية لا تنهزم بالظروف ولا الأزمنة،يبنى داخلنا الإنسان الذى إبتغاه الله فى أرضه ليحب كل ماهو حوله فيعمره، ويحب كل من حوله فتٌبنى أمم وممالك عظيمة لا يستطيعها التعلق ولكن يستطيعها الحب، الحب فقط ..
انتهت الرسالة .







0 comments

إرسال تعليق