الاثنين، 17 فبراير 2020

الريشة الصفراء

تهرول الصغيرة إلى أمها مسرعة بأعين دامعة وقلب مضطرب وأيد دبقة، تحاول أن تتكلم وتشير إلى شئ ما هناك، لم تفهم الأم قصد الصغيرة ولكن رأتنى قد ألتصقت بيد ابنتها فهرعت إلى قفص العصافير فى الشرفة..
قفص ذهبى يسكنه عصفوران جميلان، يملآن أرجاء المنزل بزقزقة خافتة أحياناً وصاخبة أحايين.. يقطع صوتهما ذلك الهدوء الممل لبيت تسكنه أرملة حزينة وفتاتها الوحيدة، مسكينة الفتاة لم تر أباها..كان حادثاً مروعاً تناقلته الالسن فترة من الزمن، لكنه سحر الوقت..أو لنقل سحر النسيان..يبدأ الأمر صاخباً ويتدرج فى الخفوت حتى يصل لدرجة الا كينونة..تناسي الجميع الحادث ولم يبق إلا حزن الوحدة وألم الفقد فى قلب الارملة واليتيمة التى عرفت اليتم قبل أن تدرك دفئ الأبوة..
احضرت الام لأبنتها قفص عصافير ليسلى وحدتها،ويقطع سكون الليالى الطويلة الصامتة..عصفور أزرق براق،والأخر أصفر يميل ذيله للإحمرار حيث كنت أنتمى..
بعيدا عن أعين الأم تسللت الطفلة وفتحت القفص لتلمس ساكنيه..لمستنى وتحسستنى بحذر..يدها دافئة ولكنها كانت دبقة برائحة العسلية اللذيذة التى تحبها..
ذهبت الطفلة لتتفقد أمها، كانت مشغولة بإعداد الطعام.. ولما أرادت الام الالتفات كادت عبوة الملح أن تسقط على الأرض، لماذا دق قلبها بهذه القوة؟! لم تعد المسكينة حمل فقد جديد حتى ولو فقد ملح..
عادت الطفلة إلى حيث كنت،اقتربت يدها مرة أخرى لكن بمزيد من الثقة، ثقة خبير لا تردد متوجس كالسابق.. ثقتها أفقدت العصفوران اتزانهما وصارا يتخبطان فى كل الأركان،حتى صادفا فتحة الخروج فلاذا بالفرار..وفى جزء من الثانية كان عليا ان آخذ القرار، أرملة ويتيمة وتجربة فقد جديدة،لن أستطيع أن أنحى العصفورين عن قرارهما بالفرار ولكنى اتخذت قراراً بألا أفارقهما علِّى أقلص تجربة الفقد على كليهما وأصبح الذكرى.. التصقت بالدبق الحلو فى اليد الدافئة وودعت صديقاتى سريعاً..أحس الآن بالنشوى وأن حياتى أصبحت هادفة ولم أعد فرداً ضمن قطيع بعد اليوم ..

0 comments

إرسال تعليق