الخميس، 17 أكتوبر 2019

برنامج تحلية بدون سكر (الحلقة الثانية )


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أعزائنا المتابعين .. أهلا بكم وحلقة جديدة من برنامجكم '' تحلية بدون سكر '' نتابع موضوع حلقتنا السابقة عن قصص الحب والمحبين ونستعد لتلقى مشاركاتكم وتعليقاتكم عبر الهاتف وعبر مواقع التواصل الإجتماعى ولحين إستقبال أول إتصال سأقرأ عليكم رسالة طلب صاحبها بعدم ذكر إسمه..
بعد التحية والسلام..أنا شاب بسيط نشأت فى أسرة رقيقة الحال وبينما كنت فى الجامعة تعرفت على زميلة ذات وجه ملائكى وقلب طاهر.. أقتربنا وتعاهدنا على إقتسام الأيام القادمة سويا، وبعد إتمام سنوات الكلية ذهبت لأتقدم لريحانة روحى فقابلنى والدها بتجهم شديد واستنكر عليَّ طلبى،فمن وجهه نظره أنا لا أناسبها إجتماعيًا وسأظلمها إن أصررت على طلبى _وحاشاى أن أظلم حبيبتى_، ابتعدت عنها رغما عنى وتزوجت زميلتى فى العمل وتزوجَت حبيبتى من يناسبها  وسافرت خارج البلاد. طلقت زوجتى بعد إدراكى لصعوبة تمثيل الحب ومدى الظلم الواقع عليها وأنا لا أبادرها أى مشاعر.. وبعدها بفترة تلقيت إتصالا من حبيبتى تطلب أن تقابلنى وقد عرفَت من أصدقائنا المشتركين أننى انفصلت عن زوجتى دون نية للرجوع.
قابلتها. كانت كالنجمة متألقة ،وكالزهرة متفتحة ،وكالنسمة وقت الهجير، أطفأت نار إشتياقى وأوقدت جذوة الحب التى لم تنطفئ..قالت لى أنها لم تتوفق فى حياتها الزوجية ولم ترزق بالأطفال فطالبت زوجها بالإنفصال لأنها لا تستطيع أن تعطيه الحب ولا الأطفال..
وأخبرتنى بأنها على إستعداد ان تبدأ معى من جديد وتقف أمام العالم لتكمل معى  ما بقي من عمرها.. فذهبت لأبيها وفاتحته من جديد وقلت له أنه السبب فى ضياع سنوات من عمرنا كنا لنقضيها فى حب بدلا من قضائها فى علاقات فاشلة تفتقد أهم مقوم وهو الحب.. لم يعترض أبوها هذه المرة ولم يوافق، فأخذت حبيبتى وعقدنا قراننا وأنارت بنور وجهها ظلمات بيتى وحياتى، عشت أياما لا مثيل لها، ملؤها الحب والتفاهم والإحتواء حتى استيقظت ذات يوم ولم أجدها جوارى وتكرر ذلك عدة مرات وكل مرة بحجة مختلفة.. حتى جاء اليوم ولم تعد إلى عشنا السعيد، ووجدت وسيطا من أصدقائنا يخبرنى بأنها تريد الطلاق.
ماذا عن أحلامنا، ومشروعاتنا، ووعودنا بخلود حبنا الكبير، حدثتها وأخبرت الجميع أننى على إستعداد كامل لتبديل أثاث البيت بل البيت نفسه.مستعد أن آخذها فى رحلة حول العالم أو كما تطلب هى، مقابل ألا تبتعد عنى وينقطع عنى نسيمها.
رفضَت كل المفاوضات وأصرت على طلبها بشدة.. وماكان منى إلا الخضوع الكامل لإرادة حبيبتى.. عشت أياما صعبة وفارقت البلدة التى يمتلك كل ركن فيها ذكرى لأرواحنا المبتهجة وحبنا الخالد.. لم يمر عام واستيقظْت ذات يوم على هاتف من صديق مقرب يدعونى فيه لقراءة الصحيفة بإلحاح..
أتيت بالصحيفة وإذا بصورة حبيبتى وخليلة روحى وتحتها نعى كبير يحمل إسمها متبوعا بإسمى. لم أصدق عينى فهرعت لمنزل والدها وأنا مكتمل الأسي والاضطراب، ما أن رآنى حتى أحتضننى وقال لى أشكرك على السعادة التى منحْتها أبنتى فى أواخر أيامها ..
عرفت منه أنها كانت تعانى من المرض اللعين وأشفقت عليَّ من الحب أن أعانى معها وأنفق مواردى البسيطة فى محاولات علاجها غير الموفقة.. قررت أن تموت وحيدة وبكامل هيئتها فى عينى على أن تموت بين أحضانى وقد أنهكها المرض وأنهكنى الحزن... بالفعل أهلكنى الحزن عليها وأسودت الدنيا فى عينى، لماذا حرمتنى من تقوية ضعفها ومشاركتها آخر لحظاتها، لماذا أشفقت على وقست على نفسها.. وهل ترى سأستطيع إكمال حياتى بكل ما أحمل فى قلبى من حزن وجزع وأسي!  لا أظن.
أدعو السادة المستمعين بالدعاء للفقيدة بالرحمةولصاحب الرسالة بالصبر والسلوان..لا أجد كلمات تناسب عمق جرحك وحزنك، وعندما يقول الموت كلمته فى الحب لا يسعنا إلا أن نُنصت ونسأل الله الصبر لنعلم الحكمة من هذا الالم والفقد.. وربما يكون الفقد عاملا أساسيا فى الحفاظ على الحب كبيراً وعظيمًا وخالدًا..
مستمرون معكم أعزائى المتابعين ننتظر منكم المشاركات والتعليقات ونستقبل إتصال تليفونى، تفضل.
مساء الخير، أنا سيدة فى الخمسين ، تزوجت فى العشرين من عمرى  زواجًا تقليديًا وعشت حياة هادئة فى مزرعة نائية يمتلكها زوجى.. أعتنى بالمنزل وبالأطفال ولا يعكر صفو حياتنا أى معكر.. مرت السنوات وكبر أطفالى وأصبحت أرى ثمرة تعبى وعنائى وعزلتى فى عيونهم وأحضانهم، وفى يوم أصطحب زوجى أبنائى للمدينة فى رحلة لمدة أربعة أيام لم أستطع مرافقتهم فيها لأنى أكره الصخب ومتحينة الفرصة للإستجمام دون ضغوط ومتطلبات. ودعت أبنائى ووقفت فى الشرفة حتى غابت سيارتهم فى الافق ووقفت دقائق أتأمل ثم قطع تأملى سائق سيارة يسأل عن الجسر القريب، فأرشدته الطريق وعندما أحسست أنه لم يفهم منى الإتجاهات عرضت عليه أن أصطحبه إلى هناك.
تحدثنا فى الطريق وقال أنه مصور فوتغرافى فى أحد أكبر المجلات، وأنه سمع عن جمال الطبيعة فى هذه المنطقة النائية وخاصة عند الجسر فشعر بحتمية المجئ وإلتقاط الكثير من الصور لهذا الجسر .. أوصلته هناك وشكرنى شكرًا جمًا رقيقًا وقال أنه سيأتى فى الصباح الباكر ومعه كافة المعدات اللازمة للتصوير.. هممت بالانصراف ولكن لا أعلم ماذا دهانى فعرضت عليه أن يحتسى مشروبًا دافئا معى فلم يعترض.. وصلنا المنزل وجلس فى الحديقة ريثما جهزت الشاى وتشاركناه سويا..

هم بالانصراف فقلت له لماذا لا  ينتظر معى ويتناول العشاء فوافق وتجاذبنا أطراف الأحاديث الشخصية فعلمت منه فشله فى تجربة الزواج لأنه دائم السفر والتنقل ويحيا بروح فنان، وحكيت له عن أبنائى ومزرعتنا وكفاح زوجى، تناولنا العشاء واستأذن بالإنصراف فلم أجد سببا آخر لأستبقيه ورحل.لم أشعر بنفسي إلا وأنا على حافة الجسر أضع ورقة كتبت فيها 
'' سأنتظرك مجددا إن أحببت أن تشرفنى بالزيارة ''..

لا تسألينى لماذا فعلت ذلك ولا كيف، فأنا المغيبة العقل المسلوبة الإرادة لا اعرف الإجابة.. لم أنم ليلتها من كثرة التفكير وأشرقت صباح اليوم التالى وكأن الهواء غير الهواء،شعور غريب وعجيب لا أعرف ماهيته يجتاحنى ويلهب أوصالى.. أردت أن أذهب إلى الجسر ولكنى منعت نفسي، وعندما غربت شمس ذلك اليوم وجدته أمامى مرهقا ملوحا بآشعة شمس النهار وشاكرًا للدعوة ومعتذرًا لو كان الوقت غير مناسب، فرحبت به ترحيبا شديدا وتشاركنا العشاء والأحاديث،ثم شكرنى ومضى مع وعد بلقاء فى اليوم التالى.
لم أمنع نفسي فى صباح اليوم التالى أن أذهب إلى الجسر وأشاركه تفاصيل يومه، كثير من الأحاديث وكثير من الصور وكثير من الذكريات، كيف لشخص غريب أن يصنع كل هذا الفرح لقلبى، قلبى الذى هب من سباته العميق وانتفض بكمية لانهائية من النبضات الزائدة، ليعلن أن ما أعيشه الآن من إحساس هو الحب بعينه والذى لم أذقه من قبل.. وكأن الرجال نوعان: نوع للزواج مثل زوجى ،ونوع للعشق مثل هذا الرجل.. انتهى نهارنا وحل الليل وآن آوان الافتراق فصارحنى بحبه العميق؛حب أول نظرة وأول حديث وأخبرنى أنه معى شعر بأحاسيس غريبة ومختلفة لم يشعر بها من قبل وإن كنت أمتلك مثل هذه المشاعر فلدى الفرصة أن أذهب معه حيث نبدأ من جديد.
حديثه أفاقنى من نشوة الحب لمرارة الواقع.. أينعم لا أمتلك مشاعر مثل هذه المتأججة تجاه زوجى ولكن أملك أضعافها تجاه أبنائى ولا أستطع التخلى عنهم ،لا أملك صلاحية للأختيار ولا أملك نفسى حتى.
صباح اليوم التالى، رجع زوجى وأبنائى ليجدونى شريدة واجمة.. لا أفكر فى الأمر قدر تساؤلى لماذا نقابل الشخص الصحيح فى الوقت الخاطئ.. ولماذا من يمتلك القدرة على إسراع إيقاع قلوبنا وإخراج مشاعرنا من تحت سطوة الجمود يأتى متأخراً ويصل ونحن فى ذروة الإنشغال بمسئوليات حياتية لا تؤجل ولا تهمل؟! قطع شرودى صوت سيارة ذلك الرجل الذى سألنى بعينيه عن قرارى فأحتميت بأبنائى ودفنت وجودى فى دفئ نظراتهم.. فأنصرف.
عشت أياماً وشهورًا وسنينًا طبيعية لا تؤرقها إلا ذكرى تلك الأيام التى صحى فيها قلبى وتجددت فيه دماء الحب والشغف.. حتى مرض زوجى وفارقنا بعد عشرة دامت ربع قرن لا أذكر له فيها إلا كل خير ولم أقصر فيها معه ولو للحظات.. حزنت على زوجى حزنًا شديدًا ومرت الأيام بعد وفاته ثقيلة موحشة، وذات ليلة تذكرت فيها حبيبى فأرسلت رسالة إلى المجلة التى يعمل بها فجائنى الرد أنه فارقها منذ سنوات.. إجتمع عليا حزنين، حزنى على زوجى وحزنى على حلمى الضائع..
وبعد عدة شهور أتانى محامى حبى الضائع ليخبرنى بأن حبى قد وافتة المنية ووصيته أن يسلمنى هذا الطرد المزيل بأسمى فتحت الطرد لاجد  صورنا  سويا  وكتاب مطبوع يحمل إسم
'' أربعة أيام على الجسر ''وعلبة مغلقة عليها ورقة مكتوب بها '' هذا رماد جثتى فلتنثريه على جسر حبنا وتكرميه بوطأ أقدامك لأهنأ فى موتى  بوجودك الذى حرمتنى منه الحياة '' وتلك كانت قصتى..

نشكرك على المشاركة ونسأل الله لهما الرحمة ولكٍ السلوان ،أعزائنا المتابعين أنقضى وقت حلقتنا سريعاً سريعاً ،وإلى لقاء قريب بإذن الله ..

1 comments: