الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

شاب المرولوك

هل سمعت من قبل عن جنس الأيلو أو المرولوك؟! إن لم تسمع عنهم فسنأخذك فى رحلة عبر الزمن حيث كان هناك فروق طبقية شديدة بين البشر، ونتج عن تلك الفروق الطبقية طبقة أغنياء فاحشى الثراء وطبقة فقراء معدمين.. الأغنياء أورثوا أحفادهم الرغد والرفاهية المطلقة فنتج عن ذلك جنس الأيلو والذى كان يتصف بضعف البنية وإنعدام الذكاء. وما الحاجة للبنية القوية وهم لا يعملون ولا يكدحون! وحصلوا على جميع الملذات والرفاهيات بالوراثة دون أى جهد وما الحاجة للذكاء وقد يسرت لهم شتى سبل البقاء فلا تفكير فى التطوير ولا المنافسة لاستبقاء وجودهم.

أما جنس المرولوك فهو الطبقة الكادحة شديدة الفقر وقوية البنيان، تعمل وتكدح وتطور وتحارب من أجل البقاء. ولكى تضمن جزء من كرامتها وتنفث جزء من غليلها فإنها تٌسمن الأيلو وفى الوقت المناسب تقوم بخطف أحدهم وتقوم بأكله.

لا تخف عزيزى القارئ فإن هذين الجنسين محض تخيل للكاتب هربرت جورج ويلز فى  رواية آله الزمن.وكان هدفه من هذه الرواية أن نحاول تقليص الفروق الطبقية لأقصى حد حتى لا ننتج للعالم جنسي الايلو والمرولوك.. أحدهما يتغذى على الآخر.

ذات مرة كنت أتحدث مع سيدة معدمة ونحاول إيجاد فرصة عمل كريمة لها فقالت '' أشتغل فى الفاعل ومتقوليليش أخدم فى البيوت، صراحة بيبقي هاين عليا أولع فيهم وفى نفسي '' فأستنكرت ذلك الشعور منها وسألتها عن السبب فأجابت '' الكفرة بيرموا كميات أكل فى اليوم يكفونا أسبوع '' فعذرت لها ذلك الاحساس وخاصة عندما أخبرتنى عن الأيام التى تبيت فيها جوعى لأن كمية الطعام التى تمتلكها بالكاد تكفى صغيريها.

صادفت ذات مرة سؤالا على مواقع الفتوى يسأل فيه شاب عن مشروعية إختلاسه لأموال أغنياء يعرفهم لإقامه موائد للفقراء المدقعين.ويقول أنه يخشى أن يكون ذلك محظوراً ولكن الأغنياء لم يتأثروا بتلك النقود التى أختلسها قدر تأثر الفقراء الذين أشبعوا حاجتهم الأساسية من الطعام بدلاً من أكلهم للنفايات.ويتسائل الشاب هل أرجع لهم نقودهم وأترك الفقراء يتضورون جوعا أم نأخذها هنيئا مريئا؟!

طالعت يوما خبراً عن زوج يقتل زوجته وأطفاله لكثرة مطالبهم والتى فاقت قدراته المادية والعقلية واعترف بجريمته وهو يبكى قائلا '' وأجيبلهم منين دول عاوزين لبس غير الأكل ومراتى طلبت منى 400 جنيه  '' لن أعلق على الخبر بل  سأحيطكم علما بأن فى نفس الصفحة سيظهرلك إعلان عن وجبات جاهزة وشقق مصيفية ورحلات ثلاث أيام وأربع ليال بمبالغ تتعدى ذاك المبلغ الذى أعدمت لأجله أسرة كاملة.

والأفجع من ذلك خبر ذلك الشاب الذى أُجبر على القفز من قطار يمشى بسرعة كبيرة لعدم إمتلاكه ثمن تذكرة مما أدى إلى إنفصال رأسه عن جسده وسط هدوء من الجميع ،هدوء المُغيب أو هدوء الذاهل ،لايهم قدر أن منهم من يمتلك أضعاف المبلغ المطلوب ولا يمانع أن يدفعه فى رفاهية قد تحقق له إشباع لمدة دقائق _قلت قد _ .

إذن سأترك لك عزيزى القارئ المجال لتستوعب الموقف وتخاف..نحن فى زمن الايلو والمرولوك الحقيقيين،لم يعد ذلك محض خيال بل واقع نراه رأى العين.الفروق الطبقية المتسعة خلقت منا إيلو يتغذى ويسمن، ومرولوك يكدح ويغل.. ايلو يسكن المنتجعات ويرتاد الرحلات ويأكل أغلى الوجبات. ومرولوك يحفر فى الصخر، ويأكل من النفايات ويسرق ليعيش، ويقتل ليرتاح..أو يموت فى صمت . الايلو والمرولوك أصبحوا بين ظهرانينا دون اللجوء لآله زمن.

الجانب المبشر فى الموضوع أننا أمة محمد.والتزامنا بتعاليم ديننا الحنيف ستقضى على هذه الفروق الرهيبة. أمة من لاينام فيها أحد وجاره جائع.. أمة من لا يسرف ولو كان على نهر جار.. أمة الزكاة فيها ركن من أركان عقيدتها. أمة لا ينقص مالها من صدقة.. أمة نثروا الحب على رؤوس الجبال للطير حتى لا يجوع فى بلاد المسلمين.أمة الإنسان الوسطى السوى العاقل.مدى إلتزامنا بإنسانيتنا سيتناسب قطعا مع مدى سرعة القضاء على جنسي الايلو والمرولوك للأبد.

4 comments: