السبت، 9 نوفمبر 2019

جلسات نسائية (جعفر والخاوية)

كنت فى جلسة نسائية من الطراز الرفيع نحكى نوادرنا ونستنصح بعضنا البعض فى أمور حياتنا ونتبادل الضحكات.. حكت إحداهن عن زوجها والأخرى عن أطفالها وتجاذبنا أطراف الحديث وكل منا شاركت بتجربتها فى ترويض الأزواج وتربية الأولاد..

قالت إحداهن أنها تتعب فى أشغال المنزل وطلبات الأطفال والزوج ولا تتلقى يد المساعدة من الزوج أبدا رغم أنها عاملة مثله بنفس  عدد ساعات العمل حتى أنه  لا يخفف من وطأة طلباته ، وحين مرضت قام الزوج بخدمتها على أعلى مستوى وكان حنوناً معها ومع الأطفال لدرجة لا توصف، وكان ودودا لدرجة أن الاطفال أستحبوا وضع أمهم الصحى على أن يبقي أبوهم بمثل هذا الود دوماً... وعندما تشافت قليلا رجع الوضع لأصله بل أسوأ وكأنه يعوض حلاوة الايام السابقة بمرارة أفعاله الحالية.

قالت أخرى.. لقد نجحت فى ترويض زوجى فهو ليس كثير الطلبات وقد عودته بأن يخدم نفسه بنفسه وأن يشاركنى فى عمل المنزل حتى وإن عاد من عمله متأخرا يجد نصيبه منتظرا عودته.. حتى أنه يجيد طهى بعض الأكلات أفضل من أى سيدة منزل..لكن ما يضايقنى أنه يستشير زميلته فى العمل فى أمور حياتنا.. فيسألها عن نوعية جيدة لمسحوق الغسيل.. ونوع جيد للخضروات المجمدة ويستشيرها حتى فى الهدايا التى يقدمها لنا.. ولا أدرى هل الموضوع ثقة فقط واستفاده من خبرتها أم تحول لإعجاب بشخصيتها ومظهرها المثالى وقوامها الممشوق.

جذبت أخرى طرف الحديث وقالت: إن نظر زوجك لزميلته الممشوقة القوام الجميلة فعنده من الحق ألف.. لأنك مهملة وتعيشى له فى دور سى السيد وتناطحى رأسك برأسه فمن الطبيعى أن يشعر وكأنه يعيش مع جعفر صديقه.. أما أنا ويا سوء حظى أصنع له صنائع الأميرات وأتبعل له وأهدهد فيه كالصغار وأجدد تصفيفة شعرى وصبغته كل شهر تقريبا.. ومع هذا وجدته يحادث فتاة على الانترنت صعقت من منظرها فلا حلاوة منظر ولا هيئة.. أدفع نصف عمرى ثمنا لأعرف ما يعجبه فى هذه الشمطاء.كل صفحتها كلاما فى السياسة ومجادلات كالرجال ولا يوجد فيها علامة على أنها أنثى سوى اسمها. 

التقطتنى أحداهن من شرودى وقالت أدلو بدلوك يا أختاه وشاركينا بما يفعله المحروس حتى نتأكد أن كلهم نوع واحد. 

قلت لهن أتعرفن ما المشكلة؟!  أننا دوما نأخذ الأمور بقطبيها. سالب وموجب، أبيض وأسود، لا نعرف كيف نقف فى الوسط المتزن.

فأنتى يا حلوتى عندما كنتى تحملين جميع المسئوليات على كتفيكى أرسلتى رسالة غير منطوقة لزوجك بأن وجوده غير مهم و تحصيل حاصل، فما الجدوى من وجوده طالما تستطيعين فعل كل شئ بدونه؟! لذلك شعر بأهميته أثناء مرضك وأستعاد إتزانه الداخلى عندما شعر بأنه مطلوب وله دور أساسي فى حياتك، وعندما اقتربتى من الشفاء واستعدتى سلطاتك تنحى جانبا معاتبا نفسه عن فرحته بقيادة لن تدوم.وحلك أن تعيدى توزيع السلطات وتحمليه بعضا من سلطاتك وستجدى فى ذلك راحة لكى ومشاركة من شريكك المهمش وإستعادة التعاون بينكما.

أما أنتى يا جعفر فقد فعلتى العكس، فبالغتى فى رمى الحمول والأثقال على زوجك المسكين فى حين أنك تملكى وقتا طويلا لإنجاز كل المهام.. فيعود متعبا ليجد حظه من عمل شاق آخر وإلى جانب ذلك يجدك لا تلينى ولا تهشي له.. ظنا منك أن اللين معه سيكلفك مهاما إضافيه إلى مهامك وسيفقدك جزئية التعاون التى حاربتى للحصول عليها.. فى حين أنه يرى زميلته كاملة الأنوثة والأناقة ومن أسئلته لها يعلم أنها تقوم بمهام بيتها كاملة دون تقصير رغم عملها،  ويقارنها دون قصد منه بمن ترتدى ثوب الندية طوال اليوم ولا يعجبها العجب..

ونأتى  لكى يا باربى عصرك وأوانك والمسئولة عن نفاذ مخزون كريم الأساس فى العالم والعوالم المجاورة.. فمشكلتك أنك  بالغتى فى الأهتمام بالمظهر وأغفلتى الجوهر _أو طمستيه _.. فيرى زوجك دائما جميلة المحيا منسقة المظهر ولكن الداخل خواء.. لذلك جذبته الشمطاء المثقفة ذات الرأى. جزعت نفسه من جمال الشكل فبحث عن ثراء المضمون.جربى أن تشاركيه اهتمامه وأهتماماتك. ولا تكتفى بسلب لبه بجمالك الخارجى قدر استعمالك لجمالك الداخلى. 

قالت لى إحداهن "يعنى لا كده عاجب ولا كده عاجب" قلت لها فعلا صحيح لأنى كما قلت نأخذ الأمور بقطبيها أو بنظرة تطرف فإما أحمل مسئولية كاملة أو أتركها كاملة.. أهتم وأتنمق وأعتنى بالمظهر جدا على حساب المضمون  أو أهمله جدا لدرجة تمحى جمال أى مضمون..التدليل يصنع طفلا مائعا والشدة تجعله ناقماً، حتى فى الحب التطرف غير محمود.. فقال سيدنا عمر فى ذلك "أحبب حبيبك هونا ما، وأبغض عدوك هونا ما".الإتزان جوهر كل العلاقات خاصة التى يجب أن تدوم.. علاقتنا بأزواجنا وأولادنا تتطلب نوعاً من المرونة المتزنة. فتشدى الحبل تارة وتتركيه تارة أخرى.. فالشد المطلق يقطع العلاقة والترك المطلق يدمرها.. وإنما تبنى البيوت على صبر النساء لذلك فهذا دورنا ولنا فى ذلك موهبة ورؤية فنعلم كيف تسير الأمور بشكل صحيح.. وإن كانت هذه حياتنا ولابد أن نحياها فلنحياها بروح مثابرة لتحقيق السعادة، وقلب يتسع ليشمل الجميع، وعقل ذكى يعرف كيف يدير الأمور.

2 comments: