الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

علاقات مختلة


           التكوين الاسرى الناجح هو الذى يستطيع فيه الزوجان المختلفان كلياً وجزئياً إيجاد منطقة وسطى وثابتة الاركان لوضع نتاج هذا الزواج من أبناء.يضحى الاثنان فى خضم الخلخلة الداخلية لهم لبناء جبل يأوى له فلذات الأكباد حيث لا عاصم لهم إلا الدفئ العاطفى والاستقرار الأسرى.

سيبقي من الواضح أن أى شخصية مهزومة أو مهزوزة هى ناتج علاقة أسرية تصدعت من أنانية أحد الطرفين أو كليهما، فنجد فى ذلك أباً مسئولاً وأماً هاملة، أو أباً لا مبالى وأماً مهتمة، او أب وأم غير مكترثين وهنا الكارثة.

نقابل النوع الأول من العلاقات عندما ينجب الابوان أطفالاً فيهرع الاب لتوفير ملذات الحياة وضرورياتها ورفاهيتها لأبنائه، فتجد الزوجة تقصيراً من جانب الأب الزوج  فى حقوقها من الإيناس والملاعبة وتفهم الاهتمام الابوى بالأطفال أنه إهمالاً لأنوثتها وإعادة جدولتها فى خانة الخدم بدلاً من أن تكون سيدة البيت والقلب، وهى التى لا تطيق التهميش ولا الإهمال ولو على سبيل راحة أبنائها. فتنتج هذه العلاقة منطقة مختلة بين أب مسئول تزيد مسئولياته ومشاكله، وأم تلعن الامومة التى ألغت الأنوثة، وأبناء ترى فى الأب بطلاً خارقاً وفى الأم كماً مهملاً فى المنزل. أو تنقلب بتعاطف مع المسكينة التى لاتجد اهتماماً من خليلها حتى لو كان منكباً على خدمتهم.

أما النوع الثانى من العلاقات: أب دخل ساحة الابوة بعقلية طفل أعجبته لعبة فى محل الدمى فأسرع لتجربتها ثم إنخلع الزر المسئول عن تشغيلها بين يديه، فألزمه صاحب المحل أن يأخذها فقال الولد أنها لاتعجبه أكثر شئ وسيجرب أخرى فغضب صاحب المحل وألزمه بدفع  ثمنها لأنه المسئول عن كسرها، فهرع يبكى لأمه ويذرف الدموع فطبطبت على كتفه ودفعت الثمن وأخذت الطفل واللعبة ومضوا، اللعبة هى الأبوة لم تعجب الرجل أكثر شئ إنما تزوج لمجرد الزواج والمتعة فوقع فى المحظور، وتحققت أبوته وصار أمام الأمر الواقع أمام جريرته وانكسر الزر ولابد من دفع الثمن، يسرع الزوج بالبكاء والضجيج فتهدهده الزوجة وتحمل الابناء والزوج الملول وتمضى فى طريق الحياة، تربى وتعلم، تارة تلزم الطفل الكبير بطلبات أبنائه وتارة تمل من الطلب وتسعى فى إنجازها، فيزيد الملول فى ملله وضجره وشكواه فتهدهده وتسلى نفسها بأن (حسه فى الدنيا).. ثقيل الاستجابة، سريع الملل، وقليل الاحتمال.تعيش هى مابين التألم الصابر ومابين التوق للخلاص من مسئوليات أثقلت كاهلها،  ولكن أين الخلاص وهى تعلم أن تدليلها لطفلها هو ما أفسده!  وتنتج عن هذه العلاقة أبناء بشخصيات شتى فتنتج الرجل الاتكالى كوالده ، أو بنت مسترجلة كأمها.وإن ثار الابناء على الوضع وتغلب عليهم الحنق ينتج ابن خارق فى حمل المسئوليات ولكنه يمن بها لأنها ليست جزء من اختصاصه _وغيره منها قد تملصوا _ وبنتاً تبحث عن أنوثة دائمة تعويضاً لما فقدته أمها أثناء تربيتها كإعلان عن إعتراضها لما افنته الأم المسترجلة للتعويض عن دور الطفل الكبير.

وأما النوع الثالث من العلاقات وهو ما اسميته بالعلاقات الكارثية هو ما ترك فيه الطرفان طرفى الحبل فهم كالفلاح بذر البذور وسقاها وتركها ومضى. نبتت البذور ورواها المطر ورعتها الشمس فترعرعت لكنها ملأى بالحشائش والهالوك لدرجة وجود صعوبة فى التفريق بين النبات المنزرع والنبات الانتهازى المتطفل. جاء وقت الحصاد فلم يجد النبات أحد ليحصده فأنثنى على عوده ومال للأرض ثم اندثر.رجل وإمرأه اجتمعا فصارا يستعرضا الفحولة والأنوثة حتى نتج أبناء شرعيين لآباء لا يجمعهم الا الاستجابة  لنداءات الجسد، غير ذلك كل فى عالمه والابناء فى عالم ثالث لا يعلم حالهم أحد، يفرز هذا النوع من العلاقات نوع متفرد فى ضحالة الشخصية وعمق الندوب النفسية.. ويا ويل المجتمع من هذا الافراز ويالعار مفرزيه..

لذلك سيظل البحث دائماً وأبداً عن تلك المنطقة  التى تخلقها العلاقات المتزنة ليقف عليها الابناء ثابتين لينطلقوا بخطى واثقة فى بناء مستقبلهم. تلك التى يصنعها أب يعرف ما عليه فيكد ويكدح ولا ينسيه شظف العيش أن يضم ويحن ويحتضن. وأم تحنو وتدفئ وتعلم وتربى بنت لتكون أماً صالحة وولداً ليكون أباً واعياً. أب وأم يعتبران أبنائهم المشروع العظيم فيجنبان لأجل نجاح هذا المشروع  كل الخلافات والاختلافات.


3 comments:

  1. حبيبتي الله ينفع بك وبأحبابك الإسلام والمسلمين ،، تسلمي ❤

    ردحذف
  2. تجسيد مختصر وسليم للعلاقات الاسريه . احسنتى ابنته العم

    ردحذف